إنها الوثيقة الأولى من نوعها في لبنان والمشرق ككل. اسمها يدل عليها كونها تطلق من النيل إلى الفرات: “نداء العقيدة والمواطنة، المسيحيون المشرقيون والشأن العام”. وقد عمل رجال الكنيسة على تحضيرها عن بعد بالتعاون مع موقعّيها، وهم مجموعة من الأكاديميين والسياسيين والقادة المسيحيين من مصر وسوريا ولبنان والاردن وفلسطين. أما الدعوة فلمجموعة “دیار” ومقرھا بیت لحم في فلسطین.
على مدى جلسات متواصلة، ولثلاثة أيام في فندق “لانكستر” في بیروت، صيغت بنود الوثيقة – النداء لتوضع في عهدة الرأي العام العربي. علماً بأنه كان لافتاً غياب الاكاديميين العراقيين، الذين حالت الاوضاع المتوترة في بلاد ما بين النهرين دون حضورهم.
الوثيقة تعبر عن الواقع الاليم الذي يعيشه المشرق العربي وتضع رؤیتھا لمستقبل قائم على المواطنة. وتلخص التحدیات العشرة الاھم التي تواجهها شعوب المشرق، لا سيما منها العلاقة المختلة بین الدین والدولة، غیاب دولة القانون بما یسمح بالتسلط السیاسي من جھة والدیني من جھة أخرى، مشاركات في الدساتیر العربیة التي ما زالت تعاني من تجاذبات وتناقضات وضعف الآلیات في التفسیر والتنفیذ وبعدھا عن العدالة الدستوریة. كما تتطرق الى تركیز معظم الدول العربیة على أمن النظام بدلا من أمن المواطن الشخصي والجسدي والنفسي والغذائي وحقه في التعلیم والعمل والتحرر من الخوف ومن الفاقة معاً.
وفي مناقشتها لادارة الموارد البشرية والطبيعية وتنمیتها، خلصت الوثيقة إلى أنه “مع غیاب المھارات اللازمة لادارة ھذه الموارد، ینقلب الغنى الى فقر، فتھدر طاقات المنطقة وتنھب، ويصبح الانسان مهجرا في داره او لاجئاً”.
وتطرقت الوثيقة إلى قضايا المرأة وتعليم الشباب وكرامة الإنسان، مشددة على “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” ومیثاق الأمم المتحدة. وفي تحدي الروحانية والثقافة الانسانية، توقفت عند تكاثر المتدينين وفقدان الروحانية الإنسانية العميقة، وتوسع “مجتمع الغیبیات والتكفیر الذي حل مكان التفكیر والتشخیص المعرفي والتحلیل العلمي”.
وأمام حالة انسداد الافق التي تمر بها المنطقة، أكدت الوثيقة على اهمية فتح ابواب الفكر على مصراعيها وليس التكفير ونشر ثقافة الموت. وإذ ركزت على أن الدين يمكن ان يكون عاملاً مساعداً في إيجاد الحل لكل هذه التحديات، حثت مسیحیي المشرق على تطویر خطاب دیني یؤسس ویعزز مجتمع المواطنة والمساواة. وشددت على قیم الوحدة في التعددیة، والمواطنة المشتركة وعلى ثقافة الحیاة بدلاً من ثقافة الموت، ملاحظة دور الدساتير في التوصل إلى عقد اجتماعي جدید یرسم ملامح جمیع مواطني البلد الواحد.
ومن ابرز الوجوه اللبنانية والعربية التي شاركت في اطلاق الوثيقة بحسب ظهورها في الجلسات: غسان الشامي، القس متري الراھب، بامیلا شرابیة، القس عاطف الجندي، القس فیكتور مكاري، الأب میشیل جلخ، روز جرجور، محمد السماك، رشيد جلخ، لونا فرحات، علي خشان، سعد الدین ابراھیم، فریدي البیاضي، فرید الخازن، فارسین اغبكیان، نبیل عبد الفتاح، سمیر مرقس، القس ریاض جرجور، صافي قصاص، حبيب افرام، بول ھایدوستیان، نقولا ابو مراد، القس اكرام لمعي، ماري میخائیل، وجيه قانصو، مایا خضرة.
احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
السابق بوست
القادم بوست