الشباب
المجتمعات الشرق أوسطية مجتمعاتٌ فتيّة إذ يُشكل الشبابُ فيها أكثرَ من نصفِ التعداد السكاني.
المجتمعات الشرق أوسطية مجتمعاتٌ فتيّة إذ يُشكل الشبابُ فيها أكثرَ من نصفِ التعداد السكاني. ويمثل هذا الكمّ الهائل فرصة فريدة وتحدياً لا يُستهان بهما في الوقتِ ذاته. والسؤال هو: هل تستطيعُ مجتمعاتُنا أن تؤهِّل شبابَها أكاديمياً وعلمياً ومهنياً، وأن تساعدَه على الانخراط في بناءِ الوطن والاقتصاد والإنتاج بكل أشكاله؟ أم سيُضاف هؤلاء إلى جمهور العاطلين عن العمل، فيجدون أنفسهم على هامش المجتمع والتاريخ؟
تحدٍ آخر هو تحدي العولمةِ والثورةِ المعلوماتية. فالشابُ الشرقُ أوسطي يعيش في عالميْن مختلفيْن بل ومتناقضيْن أحياناً كثيرة. فمن ناحيةٍ هناك العالم الشرقُ أوسطي الذي يُحِدُّ من تحركاته وطموحاته ويحلِّل ويحرِّم عليه ما شاء؛ ومن ناحيةٍ أخرى هنالك عالم افتراضي يبحرُ فيه الشاب إلى شطآنَ بعيدةٍ غريبةٍ، إلى أراض يظنُّها تفيض لبناً وعساً، بينما هو يتضوّر جوعاً وعطشاً، ويشعر بالوحدة في وسط الازدحام، ويملؤه اللامعنى والفراغ.
أما التحدي الثالثُ فهو تحدي الهويةِ الدينية، فشبابُ مجتمعاتنا اليوم في حالةِ استقطابٍ ومنقسمٌ على ذاته، فمن بينهم جماعاتٌ منغمسةٌ في الدين إلى أبعد الحدود ومجموعاتٌ أخَر ملّت الدينَ والمتدينينَ وابتعدت عن الجوامعِ والكنائس.
إن هذه التحدياتِ تفرضُ علينا العملَ على تقويم العملية التربوية بحيث تتناسبُ مع فرص استثمار العقول والطاقات الفتيّة كما هي مع حاجات السوق من جهة، ومع الاقتصاد المحلي والعالمي من جهةٍ اخرى.
كذلك تفرضُ علينا هذه التحديات تمكينَ الشبابِ ليكونوا غير مستهلكينَ لا حول ولا قوة في عالم العولمةِ الجديد، بل ليصبحوا أشخاصاً
مُنتجين ومشاركين في الشبكة العنكبوتية، يجيدون اللغة العالمية الجديدة لتصبحَ مفتاحاً للولوجِ إلى العالم المتشكل حديثاً، ليس لمجرد كونِها آلة تخاطُبية، إنما آلة حوارية تساعدُ على التفكير والتعلم والممارسة والانخراط في نهضةِ المجتمع ورفعته. وفي عالم ما بعد الحداثة، لا بد أيضاً من تطوير خطابٍ ديني جديد يرتكزُ على الإيمان الواعي والفاعل وينقلُ الشباب من مجتمع القمع الديني إلى رحاب حرية أبناء الله