أمن النظام وأمن المواطن
لقد ركزت معظم الدول العربية في العقود الماضية جُلّ اهتمامِها على شغفها ب «أمن الدولة »
لقد ركزت معظم الدول العربية في العقود الماضية جُلّ اهتمامِها على شغفها ب «أمن الدولة »، الذي أمسى يُعرف بأمن النظام، فكدّست الأسلحة وخزّنتها على حساب التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية؛ وعلاوة على ذلك تم بناءُ أجهزةٍ بوليسية ضخمة بما فيها الرقابة والتنصّت والمتابعة، سيطرت على أغلب مناحي الحياة. وصار أمنُ الدولة هو أولاً أمنَُ الحاكم والنظام بدلَ أن يكون أمن المواطن.
لقد كشف «الربيع العربي »عَوار الأنظمة الحاكمة من جهة، والحركات المعارضة من جهة أخرى، والتي قادتنا إلى وضع لم يعد فيه أمن للدولة ولا للمواطن. فمع وجود هذا الإنفاق الهائل على المعداتِ الحربية والأجهزةِ الأمنية، بلغت نسبة الأمية في العالم العربي 36 % وهي ضِعف المعدل العالمي للأمية، كما أن نسبة البطالة في مجتمعاتنا هي الأعلى عالمياً إذ يحتاجُ شرقُنا العربي إلى إيجاد خمسين مليون وظيفة جديدة في غضون العقد القادم، مما يشكل أكبر تَحَدٍ لاستقرار المنطقة . لذلك لا بد من تغيير الأولويات الأمنية في دول الشرق الأوسط، بحيث يتم التركيز على أمن المواطن، أمنِه الشخصي، وأمنهِ الجسدي والنفسي، وأمنِه الغذائي، وحقِّه في التعليم والعمل في السنوات المقبلة على أن يُصانَ حقُّه في التحرر من الخوفِ ومن الفاقةِ معاً، وأن يُعطى مجالاً لإطلاق قدراته الإبداعية والعلمية من جهة، وعلى إنشاء أجهزة أمنية عصرية ونزيهة قادرة على الحفاظ على وحدة البلاد وعلى حماية الأقليات وصيانة حقوق جميع مواطنيها.